قصة تراثيوم

قصة تراثيوم للمهندس عبدالله عبسي

ما هو تراثيوم؟

تراثيوم هو مكنز للتراث لتمكين أي شخص من إنشاء، إدارة، مشاركة واستعراض متحفه الافتراضي الخاص ببداهة.

لماذا تراثيوم؟

تراثيوم يمكّن من تنظيم المجموعات الفنية والمقتنيات الشخصية رقمياً بنسق متوافق مع المعايير الدولية المشكلة للشبكة الذكية أو شبكة الجيل الثاني؛ بغية مشاركتها مع مستودعات البيانات وتمكين المتصفحين من استعراضها؛ وإغناء المعلومات عنها، بتمكينهم من مشاركة معرفتهم ذات الصلة عبر التعليق والوسم والإضافة. وهكذا نظرياً؛ يتم نقل المقتنيات من الغرف أو الدور المغلقة إلى فضاء الإنترنت الواسع.

فيما يلي قصة تراثيوم مع أجزاء من سيرتي الذاتية فكلاهما لصيق بالآخر.

البدايات مع شركة أبّل والوسائط المتعددة 1989

في بداية عملي سنة 1989 تعاقدت شركة أبّل معي لتطوير بعض البرامج في اللغة العربية بغية تضمينها مع كمبيوترات أبّل المسوّقة في العالم العربي، فأسست مؤسسة الآفاق للابتكار المختصة بتطوير البرامج التفاعلية وبرمجيات الوسائط المتعددة، فطورت ُوأنتجتُ عدة برامج تفاعلية حسب التعاقد مع شركة أبّل؛ من هذه البرامج كان برنامج موسوعة المورد، الذي كان أوّل برنامج يعرض الوسائط المتعددة باللغة العربية: نص ، صور، مقاطع صوتية وفيديو. نشر هذا البرنامج على قرص مدمج (اعتمادا على موسوعة المورد من منشورات دار العلم للملايين الذي أنجز رقمياً وانتج بواسطة مؤسسة الآفاق للابتكار وشركة المستقبل للنشر). هذا البرنامج أيضاً كان أوّل موسوعة عربية رقمية تم نشرها عام 1994. هذا المشروع جعلني في تماس مباشر مع القدرة الهائلة التي تتيحها عملية نقل أي مواد معرفية من الورق الى الكمبيوتر والنتائج المترتبة عن ذلك مثل سهولة وسرعة النشر، بداهة التصفح والبحث عن المعلومات؛ والكلفة القليلة للنشر بعد الإعداد.

قواعد البيانات وأرشيف لبنان الطوابعي 1995 - 1998

في ذلك الوقت دفعني إلمامي ببرنامج فايل مايكر (وهو نظام لإدارة قواعد البيانات قمت بتعريبه لصالح شركة أبّل)، وكذلك عملي بالوسائط المتعددة، أن ابدأ مشروعين بتمويل ذاتي: رحلة سياحية افتراضية في لبنان، وأرشيف لبنان الطوابعي، ولكن كلاهما استنزفا مواردي آنذاك؛ دون أن أتمكّن من نشر أي منهما. أمّا أرشيف لبنان الطوابعي فكان موقعاً على الإنترنت يضم 1700 صفحة بنيتها بواسطة برنامج فايل مايكر بعد أن برمجته لدمج بيانات الطوابع اللبنانية المدخلة حتى حينه مع توصيف html لإنشاء صفحات الموقع بنسق معين.

من تكنولوجيا المعلومات إلى عالم الأعمال 1998-2008

في نيسان 1998 انتقل والدي إلى رحمة الله، وفي أيلول من نفس السنة استلمت مسؤولية إدارة العمل العائلي: مؤسسة عبسي العريقة والمتخصصة بصناعة الميداليات ولوحات التكريم. خلال الأشهر الأولى من عملي تم إنشاء شركة عبسي، ومع متابعتي لمهامي كمدير للشركة بقيت متابعاً لتكنولوجيا المعلومات بشكل عام وفايل مايكر بشكل خاص مما مكنني من مكننة الشركة وتطوير نظام إداري رقمي للشركة لا يزال مستخدم في الشركة حتى وقت إعداد هذا المقال.

تطوّر مجموعة المقتنيات 2009-2017

بعد أن شغلني العمل كلياً خلال سنوات التأسيس والعقد الأول من عملي في شركة عبسي، تمكنت من إلتقاط أنفاسي فعاودني شغفي القديم بالتاريخ وجمع الطوابع ودفعني إلى جمع واقتناء الصور والبطاقات بريدية والمقصوصات والمستندات التي تنتمي جغرافياً إلى الشرق الأوسط؛ وزمانياً الى الفترة الممتدة بين أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، إضافةً إلى الطوابع. وبدأ يتكوّن لدي مجموعة خاصة من تلك المقتنيات، كما بدأت بمطالعة بعض الكتب والمقالات التاريخية والتقنية ذات الصلة، الأمر الذي مكّنني أن أحسن فهم وتقدير هذه المقتنيات. وبدأت بتبويبها تبويباً خاصاً، بيد أن ذلك؛ على الرغم من عدم خلوّه من الابتكار؛ لم يتجاوز الطرق التقليدية في التنظيم والتصنيف، وبقيت فكرة تطويع أنظمة الكمبيوتر لمتطلباتي في العرض والتصنيف إضافة إلى التوصيف؛ تراودني وتلح علي؛ لكنني كنت دوماً أركن إلى تأجيل ذلك لعدم توفّر الوقت؛ ولأن الموضوع برمته لم يتجاوز آن ذاك الترف الفكري المروّح للنفس. هذه المجموعة من المقتنيات هي النواة التي بدأت تكبر خلال العقد التالي لتكوّن قوام متحف تراثيوم الافتراضي.

ولادة فكرة متحف الميداليات 2018

في عام 2013 انضم الى إدارة الشركة ابني محمد بعد أن عمل لفترة عامين لدى شركة دولية في السعودية، عقب تخرجه من الجامعة الأميركية في بيروت - كلية ادارة الأعمال، مما وفّر لي الوقت وسمح لي أن أركّز على مشاريعي الخاصة اضافة الى اجراء بعض الدراسات. وخلال عام 2017 دفعني شغفي المذكور؛ إلى التفكير بإنشاء متحفاً للميداليات التي أنتجتها الشركة عبر تاريخها الطويل الذي يمتد إلى أكثر من خمسة عقود، فعملت على جمع العينات المتوفرة من الميداليات، إضافة إلى أرشيف الرسوم الورقي الذي ولحسن التدبير كنت قد احتفظت به رغم تحول عمل الرسوم في الشركة كلياً من العمل اليدوي إلى الكمبيوتر. كما أنني بدأت باقتناء ما ندر منها وما هو محلي الموضوع حتى لو لم يصنع بواسطة شركة عبسي. في نيسان 2018 وخلال معرض محلي للمقتنيات أعلنت عن متحف الميداليات لكنه كما تبين لاحقا أنه كان إعلان مبكراّ.

من قواعد البيانات الى المكانز والبيانات الذكية 2018

أملى علي مشروع متحف الميداليات أن ابدأ بحفظ وتعريف وتبويب ما لدي من ميداليات، إن متطلبات ذلك إضافة إلى ضرورة البدء بالمشروع الذي أجلته مراراً لعرض وتبويب مجموعتي من المقتنيات، كلى الأمرين دفعاني إلى ضرورة اللجوء إلى أنظمة الكمبيوتر لتنظيم ذلك. فعكفت على دراسة أنظمة شبكة الإنترنت للأرشفة والتبويب وتلك المستخدمة في المكتبات العالمية، ودار محور دراستي حول أنظمة مكانز المعرفة التي تعتمد على البيانات المزودة بالبيانات الوصفية التي تسمح للأنظمة المختلفة مشاركة وتبادل البيانات واستنتاج معرفة اضافية، مكوّنة قوام الشبكة الذكية أو ما يطلق عليه اسم شبكة الجيل الثاني. كان بديهيا لي ان استخدم نظاما يتيح استخدام هذه التقنيات الحديثة ليشكل مكنزاً لمقتنياتي وموجودات متحف الميداليات، فكان كذلك.

ليرات.مي - مكنز النقود اللبنانية LIRAT.ME

بدأت بوضع ما درسته حول المكانز موضع التنفيذ في مشروع تراثيوم، وأطلقت اللبنة الأولى للمشروع بنشر أول موقع حول النقود في الشرق الأوسط يستخدم التقنيات الحديثة المشار إليها.

2019 التقى الشغف مع المعرفة الفنية والضرورة العملية ليلد تراثيوم (يتبع)